قال د.عباس محمود شراقى الباحث بمعهد الدراسات الأفريقية وأستاذ
الجيولوجيا بكلية الآداب قسم الجغرافيا بجامعة القاهرة، إن الأراضى
الإثيوبية تهدد أى مشروعات للسدود بسبب تعرضها الدورى للزلازل، بالإضافة
إلى صخورها البازلتية.
وأكد د.عباس خلال الدورة التثقيفية الإعلامية التى تنظمها الجمعية
الأفريقية، أن العمر الافتراضى للسدود الإثيوبية ينتهى بعد عشرات قليلة من
السنين بسبب جرف الأمطار الشديدة للأراضى الزراعية والمحملة بالطمى الذى
يتركز عند السدود.
وأوضح، أن الأخدود الأفريقى، الذى يمر بإثيوبيا يمثل تصدعاً ضخماً للأراضى
الإثيوبية ويعد سبباً رئيسياً فى تعرضها للزلازل المستمرة، وبالتالى يصبح
العمر الزمنى لسدودها محدود، ولذا فإن معظم الشركات التى تنشأ هذه السدود
تعلن عدم مسئوليتها عنه بعد الانتهاء منه خوفاً من أزماته التى تحدث
مستقبلاً.
وأشار إلى أن المصدر الرئيسى للطاقة فى إثيوبيا هى الأخشاب، التى تصنع منها
المنتجات الزراعية والصناعية والحيوانية ولكنها بحاجة أيضاً إلى الطاقة
الكهربائية التى تبلغ 2000 ميجاوات فى دولة إثيوبيا أى ما يعادل الطاقة
الكهربائية لمنطقة شبرا وحدها فى مصر.
وحول سد (تيكيزى) والذى تم إنشاؤه على نهر تيكيزى أحد فروع نهر النيل فى 15
نوفمبر 2009، قال شراقى إن هذا السد تم إنشاؤه فى الثلث الأول من نهر
النيل وقادر على تخزين 9 مليار متر مكعب من المياه، موضحاً أنه يهطل على
هذه المنطقة نحو 3 مليار متر مكعب فقط من المياه فيما يحتاج السد إلى نحو 4
مليارات متر مكعب لإدارة التوربينات، ولذا حجز السد هذه الكميات سنوياً
لإدارة التوربينات فيما يعرف بـ"التخزين الميت" وضرره كان مؤقتاً فقط فى
السنة الأولى من إنشائه.
وقال إن مشكلة إثيوبيا تكمن فى أن الأمطار تسقط بكثافة فى شهر أغسطس فقط،
مشيراً إلى مشروع (تانا بلس) الذى افتتحته أديس أبابا فى 14 مايو 2010،
لتحويل (70%) من مياه النيل الأزرق عبر نفق لبحيرة تانا ومنها إلى نهر بلس
لتزويد إيراد النهر، ولسحب فقدانها من مياه النيل والمقدر بـ6 مليارات متر
مكعب، بالإضافة إلى لرى (120) ألف فدان شرعوا فى العمل بـ(25) ألف هكتار
منها.
وقال إن دراسة أمريكية اقترحت تدشين 34 سداً فى حوض النيل الأزرق، ومنها سد
بوردر أو أكس أو الألفية العظيم، مضيفاً "من أهم صفات هذا المشروع أنه يقع
فى نهاية نهر النيل الأزرق، أى يكون متحكم فى النهر بجميع روافده، حيث
تتجمع الروافد فى النيل الأزرق لتتجه إلى السودان، كما يمكن لهذا السد حجز
أو مرور المياه على حسب مقدرة البحيرة المقامة أمامه".
وأوضح، أن رئيس الوزراء الإثيوبى ملس زيناوى، قال إن هذا المشروع سيولد
5250 ميجاوات من الكهرباء، فيما يولد السد العالى 2100 ميجاوات، وبالتالى
سيصبح سد الألفية عاشر سد من حيث طاقته، بينما قالت الدراسات العلمية أنه
سينتج 1400 ميجاوات فقط.
وتابع "قالت الدراسة الأمريكية سنة 1964، أن ارتفاعه سد الألفية يبلغ 90
متراً وسعته 13,3 وسيخزن 62 مليار متر مكعب من حصة النيل وتكلفته 5 مليارات
دولار وسيحتاج 4 سنين فى الإنشاء".
فيما قال د. شراقى، إن هذا السد سيحتاج 9 سنوات للإنشاء، وأن الشركة
الإيطالية ستنفذه وأن ارتفاعه 150 متراً، مشككاً فى معلومات زيناوى حول
السد، ولكنه عاد ليقول "على أسوأ الظروف لابد أن نعتبر أن هذا الحديث
صحيحاً".
وأكد أنه فى حالة إنشاء هذا السد، فإن بحيرته ستغطى الأرض الإثيوبية
القابلة للزراعة، التى تسمى "منطقة جوبا" وتقع على الحدود السودانية
وبالتالى ستخسرها إثيوبيا، فيما قال إن البحيرة لن تغطى هذه المنطقة، التى
يتساقط فيها المطر بشدة.
وأوضح، أنه فى حالة إذا ما خزن سد الألفية 62 مليار متر مكعب، كما قيل،
فإنه فى الواقع "لن يستخدم كل هذه الكمية والكمية التى سيحتجزها سيمررها
لتوليد الطاقة الكهربائية".
وأن فوائد هذا السد أنه يحجز 90% من الطمى الآتى لمصر والسودان، الأمر الذى ينتج عنه زيادة عمر السد العالى.
وكان رئيس الوزراء الأثيوبى، ملس زيناوى، قد شدد على أن أثيوبيا لا تبنى سد
النهضة الأثيوبية (الألفية العظيم)، لمنع تدفق المياه لمصر والسودان ولكن
لإنتاج الكهرباء.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبى: "السودانيون سعداء جدا بالمشروع، لأن لديهم
استيعاب بأن السد سيحافظ على تدفق مستمر للمياه التى يستخدمونها فى الرى،
كما أنه سينظم الفيضانات المدمرة".
وأكد أن سد النهضة الإثيوبية ليس الأول الذى سيتم تمويله من قبل الحكومة
الأثيوبية، ويعد استمراراً للسدود الأخرى التى بنيت سابقاً بأموال بلاده.